{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى (4)}.قال الشعبي وغيره: الخالق يُقسِم بما شاء من خَلْقه، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق. رواه ابن أبي حاتم.واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} فقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: يعني بالنجم: الثُّريَّا إذا سقطت مع الفجر.وكذا رُوي عن ابن عباس، وسفيان الثوري. واختاره ابن جرير. وزعم السدي أنها الزهرة.وقال الضحاك: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} إذا رُمي به الشياطين. وهذا القول له اتجاه.وروى الأعمش، عن مجاهد في قوله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} يعني: القرآن إذا نزل. وهذه الآية كقوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ. لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ. تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الواقعة: 75- 80].وقوله: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} هذا هو المقسم عليه، وهو الشهادة للرسول، صلوات الله وسلامه عليه، بأنه بار راشد تابع للحق، ليس بضال، وهو: الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم، والغاوي: هو العالم بالحق العادل عنه قصدًا إلى غيره، فنزه الله سبحانه وتعالى رسوله وشَرْعَه عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى وطرائق اليهود، وعن علم الشيء وكتمانه والعمل بخلافه، بل هو صلوات الله وسلامه عليه، وما بعثه الله به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد؛ ولهذا قال: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} أي: ما يقول قولا عن هوى وغرض، {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} أي: إنما يقول ما أمر به، يبلغه إلى الناس كاملا موفَّرًا من غير زيادة ولا نقصان، كما رواه الإمام أحمد.حدثنا يزيد، حدثنا حَرِيز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن مَيْسَرَة، عن أبي أمامة؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليدخلنّ الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثلُ الحيين- أو: مثل أحد الحيين- رَبِيعة ومُضَر». فقال رجل: يا رسول الله، أو ما ربيعة من مضر؟ قال: «إنما أقول ما أقول».وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عُبَيد الله بن الأخنس، أخبرنا الوليد بن عبد الله، عن يوسف بن مَاهَك، عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر، يتكلم في الغضب. فأمسكتُ عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «اكتب، فوالذي نفسي بيده، ما خرج مني إلا حق».ورواه أبو داود عن مُسَدَّد وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن يحيى بن سعيد القَطَّان، به.وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث، عن ابن عَجْلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هُرَيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أخبرتكم أنه الذي من عند الله، فهو الذي لا شَكّ فيه». ثم قال: لا نعلمه يُروَى إلا بهذا الإسناد.وقال الإمام أحمد: حدثنا يونس، حدثنا ليث، عن محمد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا أقول إلا حقا». قال بعض أصحابه: فإنك تداعبنا يا رسول الله؟ قال: «إني لا أقول إلا حقا».